🌟 حقوق الوالدين في السنَّة النبوية :
احتلَّت مسألة الحقوق
عموماً وحقوق الوالدين على وجه الخصوص مساحة كبيرة من أحاديث ووصايا النبي الأكرم
( صلى الله عليه وآله ) فقد ربط النبي ( صلى
الله عليه وآله ) بين رضا الله تعالى ورضا الوالدين حتى يعطي للمسألة بُعدَها العبادي .
🌟وأكَّد ( صلى الله عليه وآله ) أيضاً بأن عقوق الوالدين هي من أكبر الكبائر
، وربَط بين حب الله ومغفرته وبين حب الوالدين وطاعتهما .
فعن الإمام زين العابدين
( عليه السلام ) : ( إنَّ رَجُلاً جاءَ إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يا
رسول الله ، ما مِن عَملٍ قبيح إلا قدْ عملتُه ، فهل لي من توبة ؟ فقال له رسول الله
( صلى الله عليه وآله ) : ( فهَلْ مِن وَالِدَيكَ أحَدٌ حَي ؟ ) ، قال : أبي .
فقال ( صلى الله عليه
وآله ) : ( فاذْهَبْ فَبِرَّه ) ، فلما ولَّى قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله
) : ( لَوْ كَانَتْ أمُّه !! ) ) .
وفي التوجيه النبوي :
( مِنْ حَقِّ الوالِدِ عَلَى الوَلَدِ أن يخشع له عند الغضب حِرصاً على كرامة الآباء
منْ أن تُهدَر ) .
وفوق ذلك فقد اعتبر التسبب
في شتم الوالدين من خلال شتم الولد للآخرين كبيرة من الكبائر ، تستحق الإدانة والعقاب
الأخروي .
ثم إن البر بهما لا يقتصر
على حياتهما ، فيستطيع الولد المطيع أن يبرَّ بوالديه من خلال تسديد ديونهما ، أو من
خلال الدعاء والاستغفار لهما وغير ذلك من أعمال
البر .
ثم إن النبي ( صلى الله
عليه وآله ) قد جسَّد هذه التوصيات على مسرح الحياة ، ففي الوقت الذي كان يحثُّ المسلمين
على الهجرة ليشكِّل منهم نواة المجتمع التوحيدي الجديد في المدينة ، وفي الوقت الذي
كان فيه المسلمون قلائل بالآحاد ، تروي كتب السيرة : أنَّ رجلاً جاء إلى النبي ( صلى
الله عليه وآله ) فقال : جئتُ أبايعك على الهجرة ، وتركتُ أبوي يبكيان .
فقال النبي ( صلى الله
عليه وآله ) : ( اِرجعْ إلَيهِمَا فَأضحِكْهُمَا كَما ابكتهما)
🌟 تحديد الحكم الشرعي :
🌟لم يبقَ الائمة ( عليهم السلام
) مسألة حقوق الوالدين في إطار التوجهات القرآنية أو مجرَّد استثارة الدوافع الأخلاقية
، بل حدَّدوا الحكم الشرعي لهذه المسألة الحيوية ، واعتبر الإمام علي ( ع) بِرّ الوالدين
أكبر فريضة .
ويقول الإمام الباقر
( ع ) : ( ثَلاث لَمْ يَجْعَل الله عَزَّ وَجَلَّ لأحدٍ فيهِنَّ رُخصة : أدَاء الأمَانة
إلى البرِّ والفَاجِر ، والوفَاءِ بالعَهْد للبرِّ والفَاجِر ، وبِرّ الوَالِدَين بِريْنَ
كَانَا أو فَاجِرَين ) .
والجدير بالذكر أن الإسلام
لم يربط حقوق الوالدين بقضية الدين وضرورة
كونهما مسلمين ، بل أوجب رِعاية حُقوقهم بمعزَلٍ عن ذلك .
فيقول الإمام الرضا (
ع ) : ( بِرّ الوالِدَين وَاجِبٌ وإن كَانَا مُشرِكَين ، ولا طَاعَة لهما في معصية
الخالق ) .
ولم يكتَفِ الإمام الرضا
( ع) بِتبْيَان الحُكم الشرعي ، بل كَشَف عن الحكمة من وراء هذا التحريم بقوله : (
حَرَّم الله عُقوق الوَالِدين لمَا فِيه مِنَ الخُروجِ مِن التَّوفِيقِ لِطَاعَةِ الله
عَزَّ وشانهَّ ، والتوقيرِ للوَالِدَينِ ، وتَجَنُّب كُفر النِّعمَة ، وإبْطَال الشُّكْرِ
، ومَا يَدعُو مِن ذلكَ إلى قِلَّة النَّسل وانقِطَاعِه لِمَا فِي العقُوقِ من قِلَّة توقير الوالدين ،
والعرفان بحقهما ، وقطع الأرحام والزُّهد من
الوالدين في الولد ، وتَرك التربية بِعِلَّة ترك الولد برهُمَا ) .
✨فيقول الإمام
علي ( ع ) في نهج البلاغة : ( إنَّ للوَلَدِ على الوالِدِ حق أن يطيعَه في كل شيء ،
إلا في مَعصِية الله سبحانه ) .
🌟 السلبية الدنيوية لمن عَقَّ والديه :
✨من يطَّلع
على أحاديث أهل البيت ( ع) يجد حشْداً من الأحاديث في هذا المجال ، وهنا سوف نقتصر
على إبراز الآثار السلبية في دار الدنيا لمن أساء لوالديه ، ويمكننا تصنيفها حسب النقاط
الآتية :
أولها : التعرّض
للفقر والفاقة :
يقول الإمام جعفر الصادق
( ع) في هذا الخصوص : ( أيُّمَا رَجُلٍ دَعَا عَلَى وَالِدِهِ أوْرَثَهُ الفَقر )
.
ثانيها : المقابلة
بالمثل :
إنَّ الأولاد الذين يُسيئون
التصرف مع آبائهم سوف يُقابلهم أبناؤهم بالمثل
ولا يقيمون لهم وزناً عندما يكبُرون ، ويؤكِّد هذه الحقيقة ما وَرَد عن الإمام
جَعفر الصادق ( عليه السلام ) : ( برُّوا آبَاءكُم يَبرُّكم أبناؤكم ) .
وقد أثبتَت التجارب العملية
هذه الحقيقة ، وغدَتْ من المسلَّمات عَبْر الأجيال ، فالذي يعقُّ والديه يواجه الحالة
نفسها مع أبنائه لا مَحَالة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق